الزعيم
الإدارة العليا
الدولة : : الجنس : تاريخ الميلاد : 15/03/1997 عدد المساهمات : 988 نقاط : 12905 العمر : 27 المزاج: : جيد جدااااااااااااااااااااااااااااااااااااا السٌّمعَة : 5007 تاريخ التسجيل : 02/05/2011
| موضوع: تعريف العنف الجمعة مايو 27, 2011 11:19 pm | |
| يصطدم الباحث عند أول محاولة لتعريف العنف بكم كبير ومتنوع من التعريفات التي حاولت أن تضع نصا لغويا وموضوعيا يحتوي على معنى واضح ومحدد للعنف وصوره..، غير ان كل المحاولات ظلت بمنأى عن الاحاطة بكل دلالات ومحتوى العنف.يؤكد التنوع الكبير في التعريفات على تباين معرفي واضح في جميع التعريفات التي حاولت أن تضع نصا محكما للعنف وصوره.على الرغم من ان ظاهرة العنف أزلية ووجدت منذ ان وجد الانسان داخل المجتمعات، بل ربما قبل تكوًّن المجتمعات البشرية في مرحلة ما قبل تكون المجتمع الأسري أو العائلي، ايضا على الرغم من ان هناك محاولات مبكرة لاحتواء هذه الظاهرة فكريا سواء أكان ذلك على صعيد الفكر الديني أو السياسي أو الأخواقي والقانوني.مع ذلك ظلت قضية وضع تعريف يتفق عليه الجميع لظاهرةالعنف وصوره، واحدة من اهم الاشكاليات المستعصية الحل.والسؤال الذي يطل علينا برأسه، لماذا لم يتفق حتى الآن على تعريف محدد وواضح وشامل للعنف؟!ربما يكون طرح سؤال احراجي كهذا يستدعي الانتباه لنوعية الاختلافات في المصالح والمقاصد والايديولوجيات التي تقف وراء صعوبة الاتفاق حول التعريف المحدد الواضح المقصود.يؤكد ذلك التنوع الكبير والاختلافات البينة في منظومة التعريفات.وفي كل الاحوال ظل الخلاف مثاراً، رغم تغير المواقع والمناسبات والمصالح والاهداف، ويظل العنف بلا تعريف واحد صريح يتفق عليه الجميع.لغويا: العنف هو ضد الرفق، ويعني القمع، القهر، الاكراه، الارهاب، التخويف، الترويع وايجاد جو من عدم الاطمئنان، يبعث على القلق ويسلب الأمن والاستقرار.لكن هل العنف معطى خارج الزمان والمكان؟!هل العنف لحظة توتر منفصل عن محددات بروزه وتحقيقه؟! هل للعنف منطلقات وأبعاد؟! هل العنف وليد المجتمع القائم، المعاش، السائد، ام انه وليد تراكم مجتمعات قديمة حاملة بمجتمع جديد تكمن في بنيته الأساس اللا معقول للعنف؟! وبمعنى نهائي هل العنف وليد ثقافة؟! تنشئه وتغذيه وتعمل على استمراره وديمومته؟سجال من الأسئلة يقود حتما الى تواطؤ الاجابات مع القصدي والعمدي وربما استعراض لبعض من الزخم الكبير للتعريفات يقود الى كشف اللثام عن المقنع والخفي وراء كل تعريف منها.. خصوصا تلك التعريفات ذات الدلالة الواضحة لزاوية الاهتمام السياسي والنفسي.تقول الموسوعة الفلسفية: العنف هو كل فعل شديد وقاس يخالف مجرى طبيعة وجود الشيء أو الكائن الذي يحصل عليه أو عنده هذا الفعل، بعبارة أخرى يكون عنفا عندما يفرض بالقوة على موضوع ما سلوك معين أو حالة معينة لم يكونا ليحدث لولا تدخل تلك القوة من الخارج.لكن سرعان ما تستدرك الموسوعة الفلسفية ان هذا التعريف أو المفهوم ينطبق على جميع أنواع الكائنات والأشياء ودرجاتها نزولا من الانسان والحيوان الى الاشياء في الطبيعة، فترجح عند التناول الحقيقي لموضوع العنف ان تكون قاصرة على ا لمجال الانساني، حيث يكون اذ ذاك معنيا بضمير الانسان وارادته ومسؤوليته.ثم تحاول الموسوعة في تحليل وفهم طبيعة ومعنى العنف، بألا تربطه بالقانون محاولة منها، بأن لا تعطي براءة ذمة لأفعال السلطة السياسية العنيفة التي تمارس باسم القانون، وقد تكون سببا جوهريا في نشأة عنف مضاد.تيد هندريس-Ted Honderich- يقوم بتعريف العنف السياسي بصياغة تقريبية فيقول (العنف السياسي على وجه التقريب هو اللجوء الى القوة لجوءا كبيرا او مدمرا ضد الافراد أو الأشياء لجوءا الى قوة يحظرها القانون، موجها لإحداث تغيير في السياسة وفي نظام الحكم أو في أشخاصه).واذا تحاشت الموسوعة الفلسفية ربط العنف بالقانون فان تيد هندريس ربطه بالقانون وهذه يندرج تحتها اكثر من اشكال، فلقد تعددت مغامرات السلطة في استخدام العنف ضد افراد او جماعات داخل القطر الواحد وقد حدث ان لجأت جماعات خارج السلطة للعنف لازاحة سلطة ما. وقد يجيز القانون ذلك في الحالة الاولى ولا يجيزها في الثانية وفي قطر ما وقد يحدث العكس في قطر آخر وقد يحدث أن نستخدم القوة والعنف في احداث تغييرات في قطر مجاور.فاذا كنا نجد في القانون المحلي للقطر الواحد غطاء قانونيا للعنف النازل من اعلى هرم السلطة على الافراد والمجتمع ففي اطار العلاقات الدولية وعلائق المجتمعات قد حدت ان وجد القانون الذي يسمح باللجوء الى القوة لجوءاً كبيرا ومدمرا ليس ضد افراد فقط بل ضد مجتمعات وشعوب، والامثلة لا حصر لها. ويحدث ذلك عن طريق المؤسسات والمنظمات الدولية، ولذلك مازلنا لا نفضل ربط العنف بالقانون سواء أباحه أو حرمه منعا للتسربات الدكتاتورية من قبل السلطة الحاكمة ومنعا للاختراقات التي تقوم بها قيادات مراهقة تجر جيوشها وشعوبها في أتون معارك صامتة بلا سبب وجيه ولا معنى للتناحر.ايف مشيو يعرفه بأنه (مجموعة أعمال القتل والتعذيب والضرب والحروب والاضطهاد والارهاب).وهنا لم يقدم مشيو أي توضيح عن المنطلقات والأسس والمحددات التي دفعت بالفعل ضد ارادة الآخر أو إجباره على التصرف ضد ارادته باستخدامه القوة والاذلال.وهنا ومن هذا الجانب يتناول جاستون بوتول موضوع العدوانية قائلا ان من بين كل عوامل العنف تحتل العدوانية مكانا مميزا لأنها دائمة الحضور اننا نجدها في صلب الصراعات وهي ما تزال بعد استعدادا (سيكولوجيا) نفسياً مهما ومكنونا، وما ان تتوكد حتى تثير فينا دلائل الميل الى النزاع، هذه الدلائل التي تدفعنا الرغبة في المجابهات أو على الأقل إلى قبول المجازفة، انها تنطلق ساعة ينفك العنف من أغلاله وتبلغ الأوج في اشباع الميول التي تدمر الناس والممتلكات. ويقرر جاستون بوتول ان الحرب هي ذروة العدوانية الجماعية وهي الظاهرة الأكثر غرابة والأكثر فرادة ايضا من كل الظاهرات الاجتماعية لانها تحمل ملامح خاصة دون باقي مظاهر العنف.اندن جاستون بوتول يحاول وضع أساس تحليلي لمفهومين اثنين من اهم مظاهر العنف هما العدوانية والحرب وهو يؤكد على أنها مستمرة لأنها تستند لتراكم نفس مكنون في بئر النفس وهي عند اول اثارة لها تنبعث فينا وتميل الى فك العنف من قيوده ويعني ذلك أنها حالة سيكولوجية تكونت عبر تاريخ طويل فيها من الثقافي الجماعي والتربوي.وعلى الجانب الآخر نجد ان (دقيذ فان كانيغيم) ترى صعوبة في تحديد مفهوم (العدوانيين والعدوان) وتعتبر العدوانية مفهوما فارغا لم يكتسب دلالته الا بطريقة تدريجية وقد تشير الكلمة الى انماط مختلفة ومتنوعة من السلوك فالعدوانية حسب رأيها قد توجه نحو الذات او نحو الآخرين.اما كلوزوفيتش يعرف الحرب باعتبارها ذروة العنف بأنها (ظاهرة اجتماعية) ويعني ذلك انها ملازمة للمجتمع والتكونات الاجتماعية وهي وليدة منه.بينما عرفها (أوبنهايم) بأنها نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر بقصد الغلبة وفرض شروط للسلام تكون وفق رغبة المنتصر.في هذا التعريف يتضح الخلط بين ما هو ناتج عن وضع لا معقول وبين ما هو ناتج من المعقول فالحرب نتائج اللا معقول والسلام نتاج المعقول والحرب تنطلق من ضد ماهو طبيعي والسلام ينطلق القانون الطبيعي للانسان.اما (ماكدوجال) فعرفها بأنها أعلى تصعيد للقوة وبأقل الخسائر الممكنة من اجل اجبار العدو على الخضوع لرغبة المنتصر.اما حامد سلطان فقد عرفها بأنها نضال بين القوات المسلحة لكلا الفريقين المتنازعين يرمى به كل طرف منهما الى صيانة ما يرى انه حقوقه ومصالحه في مواجهة الطرف الآخر.ويقوم هيثم كيلاني بتعريف الارهاب كمظهر من مظاهر العنف، وبصدد الارهاب الدولي يقول ليس هناك تعريف ما متفق عليه سواء في القانون الدولي او المنظمات الدولية وثمة غير دولة او جهة صاغت تعريفاً يعبر عن وجهة نظرها ثم يحاول الكيلاني ان يوضح بعض ملامح الارهاب فيقول ان كلمة الارهاب او ما يشتق منها وردت في غير آية من ايات القرآن الكريم هي تعني في هذا المجال وامثاله التخويف والتفزيع، والارهابيون وصف يطلق على الذين يسلكون سبل العنف والارهاب، لتحقيق اهداف سياسية او اقتصادية.ويقول في موضع آخر يمكن تحديد سمات العمل الارهابي بما يلي: انه عنيف يعرض الارواح والممتلكات للخطر.واضح اذن من كل ما سبق ان العنف ضمن هذا المفهوم، ينطلق من استخدام القوة استخداما غير مشروع ولكن اي (مشروع) انه المشروع الذي يجد دلالته من طبيعة الانسان وطبيعة الانسان دالة في القانون الطبيعي الذي افرز عبر التاريخ البشري الطويل.وعلى الرغم من انه مخالف لطبيعة الانسان الا انه تحول الى ثابت من الثوابت البشرية، فالعنف يمارس منذ نزاع ابني آدم (هابيل وقابيل) وهو ظاهرة جسدتها الوقائع والاحداث عبر كل العصور، كما وصفته كل الاساطير واعتبرته بعض الثقافات واحدا من الوسائل التي لازمت البشرية ونموها وربطته بعض الثقافات الاخرى بالحاجة باعتبارها معطى موضوعياً لطبيعة ومكونات وعلائق المجتمعات.وارتباط العنف والارهاب بالحاجة يجعله نظريا ليس غاية في حد ذاته بل هو أداة لتحقيقها.ويتضح ايضا مما سبق ان هناك مضامين سياسية وايديولوجية وثقافية تتدخل لإنشاء منظومة فكرية أو نفسية لفك العنف من قيوده أو أغلاله لكن العنف المستجد لم يعد ذو مصدر واحد بل تعددت المصادر والاتجاهات فمن الافراد والخلايا الصغيرة الى الجماعات والتنظيمات العابرة للدولة القطرية الى الدول والتحالفات الدولية. وان هذا العنف سواء كان من الافراد والتنظيمات او عنف الدولة اوالدول ان هذا العنف الجديد لم يعد يلتزم بالقوانين والاعراف الاخلاقية على الصعيدين المحلي والعالمي وكأنه انفلت من اسر القواعد الاخلاقية والاعراف سواء كانت منبثقة من دين او قانون مقدس الى حيث لا قيم انسانية جبلت عليها البشرية، فهو عنف اعمى لا يرى الا بعين ذاته وهواه ومصالحه وهذا الكلام ينسحب على العنف الارهابي القادم من التنظيمات او العنف النازل من السلطات على الافراد والشعب او العنف غير المبرر من قبل الدول الكبرى التي تريد التهام الدول الصغيرة.قد نفهم ان هناك تفاوتاً بين البشر دول شمال ودول جنوب وقد نفهم ان هناك سوءاً في التوزيع للثروات المحلية وقد نفهم ان هناك عسفاً واستغلالاً وهيمنة. ولكن الآن وبعد ان وصل العقل الجماعي للبشر جميعا والذهنية الجماعية المحلية لدرجة من النضج تؤهلها لانشاء وسائل وآليات وأدوات جديدة لتصحيح المسار.والآن يبدو اننا لا نجد غرابة في عدم الوصول من كل الاطراف لوجود نص محكم محدد وواضح يقوم بتعريف العنف وصوره. ولكنني ارى ان العنف ليس معطى خارج الزمان والمكان فهو ابنه ونتاجه.والعنف ليس لحظة توتر منفصلة عن محددات بروزه وتحققه والعنف يمتلك من المنطلقات وابعادها وتراكماتها ما يمتلكه الفلكلور الشعبي فانه وليد مجتمع قديم حامل بمجتمع جديد انه افراز طبيعي من الماضي ويعيش الحاضر ولكنه الآن وعكس ما كان عليه في الماضي انفلت من كل الضوابط واصبح عنفا من اجل العنف لا عنفا من اجل الحاجة. | |
|